Friday 31 August 2012

رسالة ١١ـ يوم الجمعة

النهارده يوم الجٌمعة, و دايماً يوم الجُمعة في كٌل فترة من حياتي كان مُمَيز و دايماً بستنهاه.
اليوم و أنا بعمل القهوة الصباحية بتاعتي افتكرت وقت الطفولة و برنامج يوم الجُمعة الخاص بي أنا و بابا.
كان من وقت طويل, بس اللي فاكراه من البرنامج كان كالأتي: أنا و بابا نصحي من بدري, و نحضر الفطار, أنا مكُنتش بعمل حاجة, بس بتفرج عليه, فهو كان في أوقات كثيرة يحب الاختراع و بيحُط أي حاجة علي أي حاجة, بس في الاخر كُنا نأكله و أحنا مبسوطين بالرغم من عدم نجاح مُعظم هذه الأختراعات, و ينضم لنا ماما و مديحة للفطار و نادراً ما ينضم لنا أخويا أدهم لأنه بيبقي نايم في هذا الوقت من اليوم.

بعد الفطار يأتي موعد سينما الأطفال, و أقعد أتفرج عليه بمُنتهي السعادة و بابا ينزل يصلي و أنا أروح ألبس, بمُساعدة ماما طبعاً, خصوصاً ربط رُباط الجزمة اللي كان دائماً يُسبب لي مُشكلة كبيرة , لهذا كانت الجزم اللي بأبزيم حل مثالي لأمثالي.
بعد صلاة الجُمعة بابا يركب العربية و يزمرلي الزُمارة الشهيرة لأنزل.
و عادةً كُنت بكون جاهزة و مُستعدة و واقفة في الشباك ,استني أشوف الناس خارجة من الجامع و أشوف بابا داخل الجراج عشان يجيب العربية.

كان عندنا خطتين لقضاء الوقت سوياً, الأولي هي الذهاب للنادي و الثانية هي الذهاب للسينما لو فيها فيلم أطفال.
  و في غالب الأوقات بنروح النادي, ألعب في حديقة الأطفال و أكُل شيبسي و أشرب فانتا و أعود للمنزل.
طايرة من السعادة و نكمل اليوم كُلنا مع بعض و نكمل اليوم العائلي.
مع أني مش متأكدة الفترة ديه أستمرت قد ايه بس هي محفورة في ذاكرتي و أحساسي انها كانت فترة كبيرة, فترة سعيدة و مُفرحة في حياتي.

وحشني يوم الجمعة بتاع زمان, منذ بدأت العمل و كانت أجازتي يوم السبت و الاحد و أصبح يوم الجمعة يوم عادي, بستناه عشان بُكرة أجازة, و حتي بعد أما جيت هنا, بقي يوم عادي بستناه عشان مُحسن بُكرة أجازة.

معنديش حاجة تانية أقولها, دي الفكرة اللي جاتلي الصُبح و الحقيقة اللي خلاني أفتكر أكتر أني و أنا بعمل قهوتي رأيت رجل صيني أو ياباني أو من أي حتة في أسيا, ملامحه بتقول كدة,كبير السن و معاه طفل صغير شايله و بيكلمه و واقفين  و في الشمس مُبتسمين هو و الطفل في هدوء و سكينة, دي تاني مرة أشوفهم سوا, علاقة الطفل بالجد خلتني أسرح و أفتكر السعادة و السكينة اللي كنا بنلاقيها مع أهالينا و أحنا أطفال و لقيتني بفتكر مدي الطمأنينة التي كُنت أشعر بها أما كنت أخاف فيد ماما تطمئني, و عندما نسير أنا و بابا في الشارع, فكان يعطيني أصبع واحد فقط لأمسك فيه, و كان كافي جداً انه يديلي أحساس بالأمان و من هنا تذكرت الشارع اللي كُنا ساكنين فيه, و الجراج, البيت ثم برنامج يوم الجمعة بما أن النهاردة الجمعة.
 يا تري هل سيكون الطفل ده محظوظ زيي و يفتكر لحظاته ديه مع جده ؟

Wednesday 22 August 2012

رسالة ١٠- العنكبوت

فطرنا كعادتنا في رمضان أمام التلفزيون, مُحسن و مدحت أخوه و أنا, خلصنا الفطار و ذهبت لتوضيب المطبخ بعد حرب اعداد الفطار. يدوب خلصت المطبخ و لقيت الصمت الرهيب, مفيش غير صوت التلفزيون, فين محسن ؟ و فين مدحت ؟ مش متعودة علي البيت كدة.. لقيت محسن نايم علي الكنبة و كأنه مُغم عليه, نايم نوم عميق, و دورت علي مدحت لقيته نايم في حٌجرته. دخل نام في صمت.

قٌلت شوية و هيصحوا أكيد, من امتي يعني و هم بيناموا من بدري كدة, الساعة ١٠ يعني لسة بداية الفقرة المسائية من اليوم.
جلست علي كنبة بجانب محسن و قعدت اٌقلب قنوات التلفزيون و اتفرجت علي المسلسلات و هو ولا هنا, بقت الساعة ١٢ و ولا محسن صحي ولا مدحت ظهر و خرج من حُجرته, في لحظة بس كدة في النُص محسن لقيته بيقوللي و هو مغمض عينه " انت حطيتي في الأكل ايه؟" و مستناش الرد لأنه غالباً نام تاني مع نهاية سؤاله.

كان صابح عندي عزومة تاني يوم فقررت اسهل علي نفسي و أجهز شوية حاجات وميحصلش زي أول يوم رمضان, و فعلاً قٌمت و بدأت بالكركديه و كام صنف و خلصتهم , و أحب أؤكد ان كُل ده محسن و مدحت لسة نايمين.
خلاص خلصت و وضبت المطبخ و اخر حاجة بدخل الكاركاديه الثلاجة, لقيت وحش علي الارض, ايوة وحش, ده مش عنكبوت طبيعي, كان واقف و فاتح كل رجليه و حجمه اصغر من الكف  بشوية, تقريباً حجمه ٤ أصابع جنب بعض, ٤ أصابع بمقياس أصابعي الطويلة.
كان اسود اللون و مٌجرد النظر له كان يصيبني بالقشعريرة, أصل كله الا العناكب, قعدت افكر, أعما ايه ؟ أعمل ايه ؟ مبدهاش بقه أنا هصحي مٌحسن, ديه طواريْ.
"فريدة: "مٌحسن,مٌحسن
"مُحسن: "مممممممم
"فريدة: "في عنكبوت كبير قوي في المطبخ
"...مُحسن : "........... رٌشيه
أرشه ازاي ؟ مش هيموت و هيجري و أنا لا أملك الشجاعة لقتل هذا الكائن, فضلت وقفة شوية بجانبه, قٌلت يمكن أصعب عليه ولا حاجة.. بس مصعبتش.
لقيت العنكبوت واقف زي ما هو متحركش, قررت اني أجرب مُحاولة أخيرة اني أشوف مدحت, يمكن يكون صاحي جوة , بس للأسف لقيت النور مقفول.

لا مفر, مكتوبالك تموت علي ايدي, جبت الرش, و  أخذت كام ثانية كدة لأستجمع شجاعتي, و دخلت عليه و رشيت عليه مبيد الحشرات و طبعاً طلع يجري, و أنا كمان, بس كٌل منا راح في اتجاه.
رجعت أشوف راح فين عشان أخَلَص عليه لكن للأسف كان أختفي, فص ملح و داب .
قعدت أدور عليه, مفيش فايدة, بس اقنعت نفسي انه أخذ جُرعة كافية من المُبيد و ذهب ليموت في سلام في أي مكان بعيد عني.
صحيت مٌحسن لينام بالداخل, و هو تقريباً قلقه المٌبيد برائحته, لأني وجدته مغطي أنفه بملابسه, و مغمض  لسة عينه بردو.

حاولت أن أنهي اليوم و أنسي هذه الفقرة المُرعبة من اليوم و  دخلت السرير, و كل أما أغمض عيني, بشوف عنكبوت, بجد أنا بكرهم, و تذكرت موقف حصل منذ تقريباً ٨ سنوات. كٌنت أنا  و مديحة بالسيارة و مديحة هي اللي كانت سائقة و كُنا بنرغي كعادتنا و فجأة لقيت عنكبوت جنبي علي الزجاج, بس طبعاً كان رضيع مٌقارنةً بالذي قابلته في مطبخي, المٌهم أنا شٌفته من هنا و الثقافة نزلت عليا من هنا و لقيتني تقريباً علي حجر مديحة و بصرخ " سبايددددددددددددر " قعدت صوت كدة شوية و أنا مغمضة لحد أما فتحت عيني لقيته أختفي.
تعددت العناكب و رد الفعل واحداً.


Friday 17 August 2012

رسالة ٩- الحرملك

 أنا عارفة اني زودتها شوية في رمضان و حكاياتي عنه كترت حبتين, بس يمكن عشان رمضان السنة دي مٌختلف فعلاً و انا   جايز اكون مركزة زيادة في كل ما يحدث من حولي و اري انه يستحق التدوين.

تبدأ الحكاية ان صديق لمحسن في العمل عزمنا علي الفطار في منزله رداً علي عزومتنا لهم الاسبوع اللي فات.
هذا الصديق و زوجته من بلد عربي شقيق و كانت اول مرة اراهم عندما زارونا من كام يوم.
و جاء يوم العزومة و ذهبنا في معادنا, دخلنا انا و محسن و استقبلنا الصديق و لقيت محسن بيقول لي طيب روحي انت من هنا, و ديه اول حاجة تفاجئت بها, ان الستات في حتة و الرجال في حتة تانية خالص, مكنتش فهمة قوي في الاول مع انها مش اول مرة أحضر فطار فيه حرملك و سلملك ,و كانت اول مرة من حوالي ١٠ أيام في عزومة عند زميل اخر لمُحسن في العمل  باكيستاني الجنسية, بس ده لم يكن حرملك و سلملك بمعني الكلمة, بس كانوا الرجال علي ترابيزات و النساء علي ترابيزات اٌخري, بس اللي فكراه كويس اني كنت مخضوضة من العدد المهول من الجالية الباكيستانية, كلهم لابسين زيهم التقليدي المُميز بألوانه المٌبهجة,دخلت هذا الفطار معرفش حد و خرجت  بمعارف جديدة.

المٌهم, نرجع لعزومة اشقائنا العرب, و المرة دي كان كُل منا في مبني و يفصلنا حديقة صغيرة.كٌنا ٥ سيدات في الحرملك السيدة المٌضيفة, و امرأتان من الهند, امرأة انجليزية, و أخيراً انا.  كنت أعرف نصفَهُم, و استلطف  السيدة الهندية جداً, فهي لطيفة و مثقفة و تشبه في ملامحها العرب.
عندما دخلت كان أذان المغرب أذن, لقيت السيدة الانجليزية, و هي كانت أكبرنا سناً, يمكن تكون في  اخر عقدها الخامس او اول العقد السادس, اعطتني تمر و ماء لأكسر صيامي و علي وجهها ابتسامة منوراه.
هي كانت من جلست بجانبه و بدأت الحديث معها, و بدأت تسألني عن مصر و قالت لي انها زارت مصر ٤ مرات و كانت اخرها رمضان اللي فات, و كانت بتحكي قد ايه روح رمضان في مصر مٌختلفة و صلاة التراويح في المساجد و مٌتعتها, و انبهارها  بعدد الناس في صلاة الجماعة.

كانت الزيارة في أولها رسمي, و عشان أكون صريحة كنت مُنتظرة وقت المرواح بفارغ الصبر, كٌنت لسة مستغربة الوضع, و كٌنت عارفة ان الكل بيصلي التراويح فالزيارة مش هتطول, لكن اللي حصل غير اللي كان في خيالي خالص, فعندما اتصل بي محسن لنذهب للمنزل, لقيت الفتاة المٌضيفة "مسكة" فية, و فينا كُلنا, كُل من كان في الحرملك, و كُل من كان في السلملك ذهب للصلاة, و كانت الخطة ان هنقعد شوية و بعدين ستوصلني الصديقة الهندية في طريقها للمنزل.

ذهبوا الرجال للصلاة و انتقلنا نحن الي السلملك  لأنه كان أكبر و اوسع, كٌلنا ما عدا السيدة الانجليزية التي استأذنت و ذهبت لصلاة التراويح, و بدأت الزيارة من هُنا.
أصبحت اشبه بصالون ثقافي, كُل منا يتحدث عن بلده في كل الاتجاهات, الوضع السياسي فيها, الحياة الاجتماعية, اتكلمنا في شتا المواضيع, انا و الفتاة العربية نسأل عن بلدهم و هم يسألونا عن اِشياء في الوطن العربي, حاجات مُتفقين فيها و حاجات مُختلفين.
و طولت الزيارة أكثر مما تخيلت, و مر الوقت سريعأً و انتهي وقت صلاة التراويح و عدّا علي مٌحسن و روحنا.

في حاجة حصلتلي بعد هذه الزيارة, كان عندي مشاعر كثيرة متضاربة و مُتداخلة, في كلام حسسني بنعم لم أكن أشعر بها و كلام قلقني و نبهني و كلام بسطني انه قربني من ثقافات جديدة  و خلاني عندي فُضول أكبر لأكتشافها.
فكان غريب بالنسبة لي اني أحس ان اللغة العربية اللي أنا أجيدها بدون أي مجهود هي نعمة, و غيري بيبذل مجهود ليتعلمها حتي يقدر ان يقرأ القران و يفهمه, هم يقرئون المُصحف المُترجم و يتمنون ان يقرأوا القُران كما اٌنزل.
و اللي خلاني قلقانة و متخوفة هو حكاياتهم عن تجاربهم الشخصية, و انهم بعد مرور سنوات علي مجيئهم و استقرارهم هنا, ان صلتهم بأقرب الناس لهم بعضها ضعف و البعض الاخر تلاشي, بسبب البعد و ان مع مرور الوقت يصبح كل من الطرفين يجهل تفاصيل حياة الاخر, و يبدأ يبقي مفيش كلام مُشترك حتي يصبح الكلام مٌمل و يصبح الاتصال بينهم نادر جداً.
قلقت و تنبهت, الاتنين, قلقت لان لا أتمني أن ده يكون حالي أنا كمان, كمان كام سنة و تنبهت اني أركز أكثر و لا اتهاون في التواصل مع الناس  حتي لا نفقد الصلة و العلاقة.

قعدة الحرملك كانت مٌثمرة و استمتعت بها, عكس ما تصورت, جميل ان الواحد يقعد مع ناس مٌختلفة, بعقليات مٌختلفة و خلفيات مُختلفة و جنسيات مٌختلفة, بيخلينا نفكر أكثر, في اللي عندنا, اللي محتاجينوا يكون عندنا, و المُسلمات اللي في حياتنا, بيقوي اما يسمع تجارب غيره, بيدّي أمل و بيعلمنا من الأخطاء التي وقع فيها مَن سبقنا.









Sunday 12 August 2012

رسالة ٨- رمضان جديد

مر ٨ شهور علي قدومي بلاد الانجليز, و تضائل مع مرور الوقت شعوري بالغربة و اصبح في حجم البندقة, اصبح عندي ثقة اكبر و ارتياح اكثر للحياة الجديدة, بقي بيني وبينها اُلفة, عارفة الشوارع و الطُرق, حافظة اماكن المحلات عن ظهر قلب , حتي الطوابير و النظام و القوانين اتعودت عليها مع اني لازلت اري  انهم "محبكنها" شويتين, و بدأت تحصل مواقف تخليني احس اكثر بهذه الثقة, يعني علي سبيل المثال مرة كنت في محطة القطار واقفة في الطابور لشراء التذكرة من الماكينة و كان امامي فتاة انجليزية في عقدها الثالث و قعدت حوالي ٣ دقائق تجرب شراء التذكرة, لحد اما لقتها لفت لي و طلبت مني المساعدة, و لقتني أخذت مكانها و بسألها عاوزة تروحي فين و ترجعي امتي ؟ و طك طك لقتني حجزتلها و بقولها اتفضلي ادفعي. لحظتها اتبسط قوي لدرجة اني كلمت محسن احكيله و كُلي فخر.

صحيت يوم و كان الجو مُشمس و صيفي و جميل, كان صيف بالمعني المٌتعارف عليه, و كان يسبق هذا اليوم اسبوعين من الجو المُمطر شديد البرودة, قُلت هذه فٌرصة لا تُعَوَض و لازم انزل اتمشي و حتي فُرصة لاُسلي صيامي, تقريباً ده كان ثالث يوم رمضان, اول ما وصلت وسط المدينة كانت مزدحمة جداً, و كل الناس قاعدة في الحدائق و تأكل ايس كريم و الكافيهات مٌكتظة بالشباب, ساعتها شعرت بانقباض في قلبي, و جالي الاحساس بالغُربة, فين رمضان ؟ فين الشوارع المُزينة ؟ فين الناس اللي شكلها صايم و تعبان ؟ فين الناس اللي بتقرأ قران و هم في الشارع و الواصلات ؟ و الموظفين اللي نايمين في الاوتوبيس اثناء عودتهم لمنازلهم ؟ كيف لا اشعر بالغُربة و انا مش سامعة الاذان ؟ وليه الشوارع لسة زحمة وقت المغرب فين الشوارع المهجورة ساعة الفطار ؟ فين روح رمضان ؟ فين العزومات و الاهل و الاقارب ؟ القطايف ؟ فين طيب القناة الاولي و مدفع الافطار اللي بيضرب؟

ساعتها عرفت اني مش في بلدي ولا مكاني, ولا مٌجتمعي ,وطني ليس فقط بمكانه بل وطني هو هويتي و انتمائي, و انا ببساطة لا انتمي لهٌنا, اعيش هُنا بس قلبي مُتعلق ببلدي, بالرغم ان هذا الاحساس مش مُتواجد في حياتي اليومية بس بتيجي اشياء صغيرة تحسسني بالغُربة.
و بالرغم انه احساس مش مُريح الا اني  نفسي اني افضل دايماً عندي الرغبة في العودة لبلدي, و يفضل دائماً قلبي مُعلق بها و بمن فيها, لا اريد البٌعد اللي بيجيب جفاء, بل اريد البٌعد الي يُذيدني شوق و رغبة اكبر في العودة.

بقيت بدور علي الاشياء الصغيرة اللي تحسسني اني مش بعيدة, يعني كنت في السوبر ماركت من كام يوم وكنت بكلم مديحة في التليفون و صوتي كان عالي شوية, لقيت سيدة امامي مٌحجبة ابتسمت لي فابتسمت لها, شكلها عربي جداً, و بقينا كل اما نتقابل في السوبر ماركت نٌحيي بعض, و معرفش ليه هذه التحية السريعة و الابتسامة الخاطفة كانت بتصنع شيْ من السعادة في قلبي.

مع مرور الوقت بدأت  اتأقلم علي رمضان الجديد, و بدأت افهم الناس اللي قضّوا رمضان هنا من قبل اما كنت بشتكي لهم اني مش حسة برمضان السنة دي, كانوا دايما يؤكدوا لي و علي رأسهم محسن ان هنا كل واحد بيخلق لنفسه الجو الرمضاني الخاص به و بيحبه و يتأقلم عليه... ايه ده.. انا مطلوب مني كمان اخلق جو رمضان ؟ مل هو كان موجود في مصر لوحده , منغير اي مجهود.
بدأت احس برمضان مع الوقت, مع فتح التلفزيون المصري ليل نهار و مشاهدة المسلسلات و سماع الاذان والقران اللي قبل المغرب كل ما اسمع الاذان اقول زمنهم بيفطروا دلوقتي,و مع الوقت بدأت احس طول ما انا في البيت
 برمضان و خلقت لنفسي الروتين و الجو الخاص بي زي ما قالوا لي, بس للاسف لازلت لا اشعر به طوال الوقت خارج المنزل.
اكيد وجود اصدقاء مصريين حولنا هون علينا كلنا اي احاسيس سلبية, و تبادل الزيارات و العزومات كان بيسعدني و يٌعوض بعض مما افتقد.

رمضان علي وشك الانتهاء, جري سريعاً بالرغم من اللخبطة اللي كانت في الاول و علي ما جمعت انه رمضان لقيته خلاص بيخلص.. و علشان محرمش ماما من اي حاجة, فهغني لها زي كل سنة في نفس الوقت ده, بس السنة دي منغير مطربها بصوتي الخلاب "هَل البدر بدري و الايام بتجري.. و الله لسة بدري و الله يا شهر الصيام.. والله لسة بدري و الله يا شهر الصيام"





Thursday 2 August 2012

رسالة ٧ـ فضفضة



موْخراً كثُر سؤالي لنفسي ٢٦ سنة عملت فيهم ايه ؟ اتعلمت كويس و اتخرجت و اشتغلت و مارست بعض الهوايات اللي بحبها لحد النهاردة, و بشكر ماما لحد انهاردة انها اهتمت و عملت علي تنمية هواياتي . لحد فترة قريبة جداً جداً كنت راضية و مقتنعة بحياتي, كان طبعاً عندي طموحات و احلام كثيرة بس عمري ما كان عندي احساس انه في كثير اجهله و كثير من التجارب اللي فاتتني و ممكن كانت تعلمني الكتير لاستفيد به اليوم. مش عارفة ليه اما انتقلت لأعيش هنا بدأت احس بأن هناك حاجات كتيييير و اني كٌنت مٌقصرة الفترة اللي فاتت لاأني لم اُحاول تنمية نفسي و قدراتي الّا في حُدود المُتاح امامي, الفُرص اللي بتجيلي و انا في مكاني اثناء عملي, و مش بس قدراتي في علي المُستوي العلمي او العملي, و فكرت بردو ان زمان لم اشعر ابداً ان فس شيء ناقصني, هل الاول كان احسن ؟
و بعد تفكير عميق و طويل, اخد مني وقت لادركه ان ده لوحده وعي, ان الواحد يكون واعي لنفسه و يحس في بعض الاوقات انه يجهل اشياء و ان في افاق جديدة للأكتشاف لان الانسان الذي لا يعمل علي هذا التطوير بيفضل واقف محلك سر. 
التطوير اللي بقصده بيشمل كُل حاجة, العمل, الدراسة, الثقافة, الاجتماعيات و خبرة التعامُل مع الناس المُختلفة, و الشطارة ان الواحد لا يياس و يأخُذ هذه الافكار بسلبية و يصبح في حالة عدم رضا و ينسي اي نجاح او انجاز وصل له مهما كان بسيط.
قررت اني احاول استغل هذه الحالة اللي بسميها حالة عدم رضا الي طاقة ايجابية, تخليني افكر ايه اللي مش عجبني و احاول في اصلاحه, و امسكهم حاجة حاجة, محملش علي نفسي اكثر من الازم.
طبعاً احياناً بحس ان الكلام ده عملي جداً و نظري جداًجداً بس ده يمكن ده رد الفعل العاطفي اول اما الواحد يجيلوا هذا الاحساس من اي حاجة خارجية, ما هو الواحد مش بيحس بكدة غير اما يحصل موقف صغير لا يشعر به الّا الشخص ده, و يثير في داخله هذه الشُحنة السلبية اللي انا مٌقتنعة ان لو قدرنا نحولها الي طاقة ايجابية و افعال و اعمال ستكون اول خطوة في طريق النجاح, لان لو الشخص دائم الرضا عن حياته لن يتطلع للمزيد و لن يُنمي نفسه, و لا اقصد الطمع, بل اقصد الطوح, اعتقد ان هو ده الطموح.
بحاول اني مستسلمس لهذه الحالة, لو استسلمتلها ممكن ملاقيش سبب يقومني من السرير صباحاً, فلي طموحات و احلام كثيرة و لكن تحقيقهاحالياً صعب و ليس مٌستحيلاً, في احلام كبيرة و اساسية و اُخري اقل و اقل و اقل, يوجد الكثير و كٌل ما يكبر الحلم او الهدف يصبح تحقيقه اصعب, المُهم اني منساش في السكة الاشياء الصغيرة التي تحققت و اني اذيدها الي قائمة انجازاتي. 
بعد هذا التفكير عرفت ان ٢٦ سنة ليس بكثير بس المُهم ان الواحد لا ينسي نفسه في مرحلة التفكير, فالتفكير اكثر من الازم من وجهة نظري ينقلب ضدد صاحبه.

هذا الكلام ليس نظري و لكن يحتاج قدرة و قوة داخلية تخلي الواحد يفوق و لا يستسلم لها, و محتاح دعم من الناس المُقربين اللي ربنا انعم علينا بهم ليساعدونا و يدعمونا حتي لو بس كان الدعم معنوي, فاحساس اني لست وحدي يفرق كثيراً.
اما لست دكتورة نفسية و لا مٌختصة, انا بس انسانة حبت تفضفض.

Wednesday 1 August 2012

رسالة ٦ـ رمضان جانا



رمضان السنة دي اكيد مٌختلف بما انه اول رمضان يجي عليّ و انا متجوزة فكان في نوع من التحمس و اني خلال هذا الشهر هعمل عمايل و هسوي الهوايل , و بدأت استعداداتي من وقت ما كُنت في مصر, جبت الفانوس و قمر الدين و الكاركديه, لوازم رمضان اللي مش هلاقيها هنا. بالرغم ان محسن اكدلي ان هلاقي هنا قمر الدين الّا ان انا اصريت اني اجيب معايا العدة كُلها و ابقي في اتم الاستعدادت للشهر الكريم, مش عاوزة حاجة تٌعكر صفو الاجواء الرمضانية اللي في دماغي.


اول يوم قرب و قررت ان نعمل عزومة عندنا في البيت و نعزم فيها اصحابنا المصريين اللي هنا, اللي مُعظمهم طلبة دراسات عُليا و معهُمش اي حد من افراد عائلتهم, فكرت ان اللمّة دي هي الي هتحسسنا كٌلنا برمضان و و هتهون علينا اي احساس بغُربة او وحدة.


عزمت الناس و قٌلت لمحسن يعزم كُل اللي نفسه فيه, و دخلت بقلب جامد قوي , معايا فانوس و قمر الدين و كاركاديه, خلاص كدة, انا مستعدة.


جاء اليوم المُنتظر, اشتريت كل الطلبات انا و محسن من قبلها بيوم و عملت كمان الكاركاديه و قمر الدين, يعني معنديش النهاردة غير الطبيخ و توضيب البيت.

صحيت الساعة ٨.٣٠ تقريباً, اعتقد من القلق, صحيت علي هاتف داخلي ان معنديش حلّة كبيرة تكفي لاعداد هذا الكم من الاكل اللي عُمري مطبخته في حياتي.

,لبست و نزلت بسرعة جبت اكبر حلّة في المحل و حضنتها بين ايدي و رجعت البيت و الدنيا بتمطر.

المطر خير و لسة بدري و ان شاء الله الضيوف يكلوا و يتبسطوا. الساعة ٩.٣٠ تقريبأ كنت في البيت


و بالتحديد في المطبخ, لبست مريلتي الجديدة و بدأت رحلة العمل.

و عشان ادخل في اجواء رمضان, شغلت بعض المسلسلات لتسليتي اثناء العمل.

و ما بين ٣ كيلو شيش طاووق و ٤ كيلو لحمة مفرومة للكُفتة و ٧ اكواب ارز, غير الشُوربة و الفطيرة و السلاطات, لقيت الوقت بيجري مني, ساعة ورا ساعة ورا ساعة , و بعد شوية قلّي علي شوية سلق علي تتبيل و تحمير وحبة مهارات تكنيكية طبيخية , ببُص لقيت الساعة ٦.٣٠, فاضل ساعتين و الناس تيجي, و مافيش و لا حاجة جاهزة او شبه جاهزة حتّة, فين التليفون, و لقتني بكلم محسن: محسسسسسسسسسسسسسن الحقني, ما فيش حاجة جاهزة و البيت لسة متوضبش, محسن طمني و قال لي انه في الطريق و هيساعدني و هنلحق.

جاء مُحسن و لقاني وقفة منكوشة في المطبخ, او بمعني اصح بجري في المطبخ بحاول الحق اي حاجة, انضم لي محسن و اصبح المطبخ كخلية النحل بس بنحلتين بس., انا و محسن.

مروا الساعتين بسرعة البرق, الحمد لله لحقت اخلص الشوربة و اتسرح و محسن وضب البيت و عمل المسقعة,و بقيت الاكل علي النار. و جاءت ساعة الامتحان و احنا عارفين ان في الساعة دي يُكرم المرء او يُهان, جُم الضيوف و كانت الشوربة بتسخن, مش عارفة اوصف احساسي ساعتها لاني مش فاكراه, بس كان مش احساس لطيف ده اللي انا فاكراه, فاكرة ان البيت كان زحمة و المطبخ زحمة, و ناس كتير, و كل شوية حد يسأل مش عاوزة حاجة,و حد يقول لي متتوتريش خالص, و طبعاً الكلام ده بيزيد من توتري و بعد شوية وقت مش فاكرة قد ايه بس مرّوا اكنهم١٠ ساعات كل الاكل كان علي السُفرة وكل الناس بدأت تأكل و بدأت ارتاح داخلياً , نص المُهمة خلصت عقبال ما يعجبهم الاكل .

اكلنا و شربنا الشاي و حلينا و قعدنا و هزرنا و قضينا وقت لطيف, يمكن لم اكن في قمة سعادتي لان الاكل اتأخر و كان في ربكة و لم يكن الموضوع ببساطة و سهولة كما تخيلت., و لم يكن كل شيء مثالي كما تمنيت,

بس هي كانت تجربة,و اول تجربة, وبالرغم من كل ده اتبسطت قوي من لمتنا اول يوم رمضان.

و في اخر اليوم احب اشكر ماما علي نصيحتها لي اني اعمل قمر الدين الكاركاديه قبل يوم العزومة بيوم, لولي هذه النصيحة كان زمان مافيش مشاريب, و احب اشكر محسن علي انقاذه لي يومها, و بقول لطنط نادية اني ندمانة اشد اندم
!اني مسمعتش كلامها و عملت الارز بالخلطة رغم تحذيرها لي, و بقولها اخر مرة اعملوا يا طنط, انا كرهته