Sunday 24 June 2012

رسالة ٤

الاجواء متوترة, و كله في  حالة من الترقب, فغداً اعلان نتيجة الأنتخابات الرئاسية, و للاسف متابعة التلفزيون المصري و القنوات الاخبارية اليومين دول ترفع  الضغط و تزيد حالة التوتر و الخوف لأصحاب القلوب الضعيفة امثالي, فأنا بلا فخر حتي لو حاولت في بعض الاحيان ان اهرب من البرامج الاخبارية ممكن كلام بسيط زي اللي بيكتبوه لتسلية المواطنين اثناء مشاهدتهم المسلسل التركي فاطمة يزيد ضربات قلبي و ده شيْ لا ارادي حاولت كتيرلأزالته بس لسة منجحتش و المحاولات مستمرة.

فتحنا التلفزيون و جت فاطمة و بدأت الاخبار تجري من تحت: "الصحة:  تجهيز ١٨١٥ سيارة اسعاف استعداداً لغداً" او مثلاً "الصحة: رفعنا الاستعدادات  بغرف العمليات بخميع المستشفيات استعداداً لتلقي حالات الأصابات غداً بعد اعلان النتيجة"  " مئات اللألاف من مؤيدي شفيق يتوافدون عند المنصة لتأييد شفيق و سيعتصمون حتي اعلان النتيجة غداً " و حاجات من النوعية ديه كتير اللي تخليني اقول ربنا يستر و احس ان في كارثة بكرة, و اللي زود توتري ان محسن هيرجع بكرة انجلترا عشان عنده شُغل و قلقت ان ميلحقش الطيارة و السكك تتقفل و المعتصمين اللي في التحرير يقرروا هم و المعتصمين اللي عند المنصة يضربوا بعض مثلاً او اي حاجة, فمؤخراً ممكن تحصل عادي ,حاولت جاهدة اني اعمل نفسي رامبو قُدام نفسي و قُدام محسن,  بس طبعاً طرد ال١٠٠٠ فكرة السوداء اللي بتدور في دماغي كان اقوي مني في هذه اللحظة و طبعاً مُحسن كان قافشني. اقترحت طنط نادية والدة مُحسن انه يروح المطار من ١٠ الصبح بالرغم ان معاد الطيارة الساعة الخامسة ظُهراً,و طبعاً جتلي الفرصة علي صينية من ذهب و بدأت في تأييدي للفكرة بقوة. المُهم قررت ان نخلينا في النهاردة و بُكرة بعد النتيجة هنشوف و كدة  كدة هبقي في البيت مُعززة مُكرمة و محسن ان شاء الله يكون في المطار في امان برضو. استريحت للفكرة دي و قررت اني اكمل بها الساعات القليلة اللي فاضلة في اليوم لحد اما نمت بلا خوف ولا توتر.

جاء اليوم المُنتظر من زمان, و بغض النظر ان المُرشحان مش قادرة اتخيل حد فيهم رئيس للبلد الا ان ده لا يُقلل اي شيْ من اهمية اليوم, في الاخر الاثنين اللي مش عاجبني دول هم اللي الاغلبية اختارتهم و حد فيهم هيبقي رئيس و ده امر واقع.
صحينا بدري انا و محسن لبدء رحلة اليوم و انجاز المهمة و هي ان محسن يوصل المطار و انا اوصل البيت قبل اعلان النتيجة تحسُباً لاي شغب بعد اعلان النتيجة وفقاً لنصيحة تلفزيونا العزيز. حققنا الهدف الاول و مُحسن وصل المطار الساعة ٢ و ده بعد اما ضيعنا شوية وقت حلوين في كافيه جنب المطار لوصولنا في وقت قصير, فالسكة كانت فاضية و لكن لا تخلوا من شوية تشويق و اثارة, كان في كام دبابة كدة في السكة لزوم "السسبنس" !

,ودعت مُحسن و تابعته بعيني حتي دخل من البوابة و بدأت سكة العودة للبيت.
قدامي ساعة قبل اعلان النتيجة و ده وقت كافي جداً للوصول, و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن, طلعت من المطار و مفيش ٢ كيلو و لقيت الدنيا وقفة تماماً, افتكرت ان دي مُجرد زحمة عادية بسبب خروج كل الموظفين و لكن بعد شوية قررت اشوف في "بيقولك" و اعرف الزحمة لحد فين.. و لكن المفاجأة الكبري ان في حادثة كبيرة و الطريق مقفول تماماً. 
لم اتخيل ان قاعدتي في العربية هتطول اكثر من ساعة و لكن القاعدة طولت طولت طولت و بدأ  المؤتمر الصحفي لأعلان النتيجة, و كل الناس حولي في العربيات فاتحة الراديو و في الميكروبصات الناس ماسكة راديوهات و اللي مش عنده راديو خالص في السيارة كان بينزل يُقف في الشارع في عز الحر جنب سيارة اُخري بها راديو و فاتحة الشباك, حسيت ساعتها بأمية اللحظة و تحمست جداَ اكن مصر بتلاعب في فاينل كاس الامم و لكن للأسف عكّر عليّ صفو اللحظة الخطبة الطويلة و الكلام المُمل اللي طبعاً خلاني اسرح كتير لحد اما سمعت سيادة المستشار يبدأ اخيراً مُتشكراَ في اعلان النتيجة و اعلن فوز مُرسي.

و بدأت الزمامير في الانطلاق و بدأ التاس في الرقص علي العربيات احتفالاً بالنتيجة.
في لحظات كدة مُهم قوي تسجل في ذهنك انت كنت فين ساعتها.. زي كدة السؤال الشهير بتاع "كنت فين لحظة وقوع زلزال ١٩٩٢ ? "  و انا من موقعي هذا اُسجل ان لحظة اعلان اول رئيس مُنتخب في مصر, كنت محشورة علي الطريق الدائري لمُدة ٤ ساعات بلعن سلسفيل ابوهم.

Monday 11 June 2012

رسالة ٣

  النهارده يوم الاربعاء يوم الاربعاء ١٦ مليو ٢٠١٢, تقريباً الساعة السادسة مساءً بتوقيت لندن , اخر يوم للادلاء بأصوات المصريين في الخارج و ها انا في طريقي لمقابلة محسن لتلبية نداء الوطن و لنشارك في اول انتخابات للرئاسة في مصر (اول واحدة لان لا احد يعترف بتمثلية ٢٠٠٥ اللي فاز بها مبارك بنسبة ٨٨.٦٪) كنت متحمسة جداً, بالرغم ان مفيش مرشح يمثلني بنسبة ١٠٠٪  لكن احساسي ان لي حق الاختيار و ان صوتي ممكن يكون له تأثير و اني ممكن يبقي لي رأي و مشاركة ايجابية لتحديد مستقبل بلدي كان رافع من روحي المعنوية. الطريق طويل لحد السفارة, فقررت اني اسلّي نفسي و ابص كدة علي الميل اللي لجنة الانتخابات الرئاسية و أشوف العنوان فين بالضبط و لقيت مكتوب  طريقة الانتخاب, و الصدمة الكبري اما قرأت جملة: ان يكون المنتخب معه صورة من اي وثيقة معتمدة تثبت اقامته الشرعية بالدولة المقيم بها! 
 الباسبور..فين الباسبور؟ مش معايا الباسبور... ولا اي اثبات اني  عايشة في الخارج..وافتكرت ساعتها فاتن حمامة في فيلم ارض الاحلام اما قعدت الفيلم كله تدور علي الباسبوغ.. و افتكرت قد ايه كانت بتعصبني فتعاطفت معاها و حسيت قد ايه الباسبوغ مهم٫قلت كده في بالي و انا متأكدة ان علامات الفزع و الهلع كانت علي وشي. طب اعمل ايه, اعمل ايه.. اكيد مش هتضيع فرصتي اني انتخب, اكيد مش هتضيع لاني نسيت اجيب الباسبور و اني مبصتش قبل كده في الاوراق المطلوبة . كلمت مديحة اختي اخد رأيها لقيتها بتقولي ارجعي خلاص هتعملي ايه يعني.. قفلت معاها و انا مصّرة اني هنتخب يعني هنتخب و هروح هناك اكيد هلاقي حل ..قعدت افكر الطريق كله,لحد اما افتكرت اني مصورة الفيزا بتاعتي علي الموبايل, الحقيقة الصورة مش واضحة قوي بس قلت اي اثبات و خلاص علي الاقل يبقي لي عين اعترض لو قالولي "اسفين يا مدام.. مش هينفع حضرتك تتنتخبي"" بعت بسرعة الصورة لمحسن علي امل انه يكون لسه منزلش و يلحق يطبعهالي و لكن للاسف كلمني و كان نزل خلاص في طريقه لمقابلتي قُرب السفارة. وصلنا لمقر السفارة المصرية و كان المشهد كالتالي, موظف الاستقبال واقف بأبتسامة علي وجهه و تحسه سعيد مش كعادة الموظفين المصريين اللي عادةً بيبقي علي وشهم علامات الملل و الزهق و اخدنا منه رقم عشان دورنا في الانتخاب و شاورلنا علي غرفة في الداخل لبدء اجراءات الانتخابات.
دخلنا حجرة صغيرة بس مليانة ناس و حسيت فجأة اني رجعت مصر لمدة ١٥ دقيقة, قعدت علي الكرسي ابص علي الناس اللي حولي, كل الناس مبتسمة و كله بيبتسم لكله و الناس بتتكلم مع بعض و كل واحد كان بيسأل اللي جنبه هتتنتخب مين  و بيتكلموا عن البلد و احوالها و كله بيتمني ان احوال البلد تتصلح بعد انتخاب الرئيس ومع كل شخص داخل يرمي بالمظروف داخل الصندوق يسأله موظف واقف جنب الباب- معرفش لحد النهاردة وظيفته ايه- تحب حضرتك اخدلك صورة بالموبايل ؟ فالكل معتبر ان دي حاجة تاريخية و لازم تٌسجل. كل واحد قاعد منتظر دوره تحس بأنه قاعد فخور و سعيد , زي ما انا كنت فخورة جداً  و نسيت اني مش معايا الباسبور للحظات و قعدت اتأمل الناس حولي لحد اما سمعت: رقم ٥٠  لو سمحتم, ايوة انا,قلتها و توجهت بثبات للموظفة و علي وشي ابتسامة ساحرة لعل و عسي تنسي تسألني علي الباسبور. المهم اخدت البطاقة مني و ملئت بعض الاوراق و ادتني ورقة و الظرف و طلبت مني دخول الحجرة المجاورة للتصويت.
دخلت وراء البارافان و ضربات قلبي بدأت تزيد.. حسيت فعلاً بالمسئولية و لقيتني بدعي ان يا رب يبقي اختياري صح و موديش البلد في داهية... اخدت المظروف و قبل اما ارميه في الصندوق طبقاً للاجراءات لازم امضي في الكشف و يشوفوا بطاقتي و اثبات اني عايشة في الخارج... تا تا تا.. جاءت اللحظة الحاسمة... اديتهم البطاقة و قلتلهم بكل ثقة ان مش معايا الباسبور بس معايا صورة الاقامة علي الاي   باد.... طبعاً استغربوا و سالوني لو معايا اي اثبات تاني ... و قعدوا يتناقشوا لحد اما قرروا ان الصورة واضحة علي شاشة الاي باد و  ممكن يقبلوها كأثبات لاقامتي هنا. مضيت جنب اسمي و رميت بالمظروف داخل الصندوق و انا حسّة بالانجاز و سعيدة اني مستسلمتش و رجعت فاقدة الامل.
شكراً للتكنواوجيا اللي منغيرها كان زمان صوتي لم يصل و تكون ضاعت عليه الفرصة للتعبير لاول مرة. يوم لن يُنسي, اول خطوة للامام يا بلدي.